فنان سعودي يعيد قراءة الحنين والماضي عبر أعمال تجمع بين المرح والصدمة وتستند إلى رؤية نقدية للهوية والثقافة.
النشأة وبدايات التكوين
وُلد الفنان السعودي عبد الله الجهضمي عام 1990 في مدينة الرياض. بدأ مساره الدراسي في مجال الهندسة الميكانيكية بمدينة الجبيل الصناعية، إلا أن اهتمامه المتزايد بالفنون البصرية دفعه إلى تغيير الاتجاه. هذا التحول المبكر يعكس طبيعة مشروعه الفني القائم على إعادة تشكيل التجارب والتصورات، بما في ذلك تجربته الشخصية مع اختيار المسار المهني. انتقل الجهضمي من دراسة الهندسة إلى التصميم الجرافيكي والعمل الإبداعي، قبل أن يتفرغ لممارسة الفن المعاصر.
من التصميم إلى الإخراج الفني
بدأ الجهضمي مسيرته المهنية كمصمم جرافيك، ثم تولى منصب المدير الفني في مجموعة تلفاز 11، وهي إحدى أبرز المؤسسات الإعلامية الإبداعية التي ساهمت في تشكيل موجة جديدة من المحتوى البصري السعودي. هذه المرحلة أسهمت في تنمية حسه البصري، وتعميق قدرته على استخدام الصورة لغة للتعبير عن الأفكار، وليس مجرد وسيلة للتمثيل الجمالي.
رؤية فنية قائمة على الحنين والتحليل
تتمحور أعمال الجهضمي حول استحضار ذاكرة الطفولة، خاصة الألعاب والرسوم المتحركة، لكنه لا يتعامل معها بوصفها ذكرى بريئة فحسب. يقوم بإعادة صياغتها ضمن سياقات جديدة تكشف عن التحولات الاجتماعية والثقافية التي عاشها جيله. يتعامل الفنان مع الحنين بوصفه بنية ثقافية قابلة للتحليل، وليس مجرد شعور عاطفي. لذلك يوصف أسلوبه بأنه يجمع بين المرح والصدمة، وبين الدفء البصري والتساؤل النقدي.
في أعماله يظهر الماضي لا كنسخة مطابقة لما كان، بل كصورة جديدة مبنية على الذاكرة والسياق المعاصر. بهذا المعنى، يقدّم الجهضمي مفهوم “الحنين المصطنع”، حيث يمتزج ما هو تذكاري بما هو معاد تخيله.
حادثة لوحة “The Last Jedi” وانتشارها
ظهرت أعمال الجهضمي في الواجهة الإعلامية عام 2018، عندما وُضعت إحدى لوحاته التي تحمل عنوان “The Last Jedi” في كتاب الدراسات الاجتماعية للمرحلة الثانوية في المملكة عن طريق الخطأ. وكانت اللوحة قد صُوّرت عام 2013، أي قبل سنوات من تداولها. أدى هذا الموقف غير المتوقع إلى جذب الاهتمام العام بأعماله، وإلى تداولها على نطاق واسع في الإعلام والنقاشات الثقافية. سلط الحدث الضوء على مكانة الصورة في الوعي الثقافي، وعلى قدرة الفن على العودة للحضور في لحظات غير متوقعة.
حضور دولي وتعاون فني
قدّم الجهضمي أعماله في معارض داخل المملكة وخارجها، منها في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. كما تعاون في عام 2016 مع “استوديو غارم”، أحد أبرز مواقع إنتاج الفن المعاصر في السعودية، وهو تعاون أتاح له توسيع أدواته التعبيرية والتفاعل مع رؤى فنية مختلفة، مع الحفاظ على أسلوبه الخاص.
يمثل عبد الله الجهضمي نموذجاً لجيل فني سعودي يسعى لإعادة فهم العلاقة بين الفرد وماضيه، وبين الطفولة بوصفها مرجعاً ثقافياً وليس مرحلة زمنية فقط. أعماله لا تُعيد الماضي كما كان، بل تُخضعه لإعادة قراءة نقدية تدمج المرح بالتحليل، والصورة بالذاكرة، والحنين بالواقع المتغير.
Meta
عبد الله الجهضمي فنان سعودي معاصر يقدم أعمالاً تستلهم الحنين والطفولة بأسلوب يجمع بين المرح والصدمة. ينتقل من خلفية في الهندسة والتصميم الجرافيكي إلى الفن البصري، ويعيد من خلال أعماله قراءة الذاكرة الثقافية وتحولات الهوية في المجتمع السعودي.