برحيلها تركت عتاب فراغًا لا يُملأ بسهولة، لكن حضورها في ذاكرة الفن لا يزال حيًا ومتوهجًا، صوتٌ قوي، حضورٌ مسرحي، وتجربة جريئة جعلتها من أوائل النساء اللواتي فتحن الطريق أمام الغناء النسائي السعودي، عتاب لم تكن مجرد مطربة، بل مشروعًا فنيًا كاملاً أسهم في تشكيل ملامح الأغنية السعودية الحديثة.
البدايات والنشأة: من رياض الستينيات إلى حلم يكبر
وُلدت عتاب في الرياض عام 1947 وسط مجتمع محافظ لم يكن يتقبل بسهولة ظهور المرأة على المسرح، ومع ذلك، نما صوتها وشغفها مبكرًا. بدأت خطواتها الأولى عبر الغناء في الأعراس والمناسبات الشعبية، حيث لفتت الأنظار بقدرتها على أداء الألوان التراثية بأسلوب يجمع بين البساطة والاحتراف، كانت تلك اللحظات الأولى هي الشرارة التي صنعت لاحقًا نجمة نسائية فريدة في تاريخ الموسيقى السعودية.
مسيرة فنية صنعت فرقًا وأعادت رسم المشهد النسائي
مع بداية السبعينيات بدأ صعود اسم عتاب كأحد أبرز الأصوات في الخليج. قدّمت نفسها بجرأة استثنائية وظهرت على المسرح بأسلوب استعراضي لم يكن مألوفًا في المملكة آنذاك.
انتقالها إلى مصر كان نقطة تحوّل مهمة، حيث وجدت منصة أوسع للانتشار العربي، فشاركت في حفلات كبرى وبرامج تلفزيونية، وقدمت أعمالًا تمزج بين الطرب الأصيل والإيقاع العصري الذي لاقى قبولًا واسعًا لدى الجمهور.
أهم الأعمال… “منهيته” وبصمات لا تُنسى
امتلكت عتاب إرثًا غنائيًا واسعًا شكّل جزءًا من ذاكرة الأغنية الخليجية.
من أبرز أعمالها:
“منهيته” – الأغنية التي رسّخت اسمها وقدرتْها على الأداء العاطفي القوي.
“جاني الأسمر”
“يا دار”
هذه الأعمال وغيرها صنعت حضورها العربي، وجعلت منها جسرًا موسيقيًا بين الخليج وباقي العالم العربي عبر تعاونها مع مدارس تلحينية متنوعة.
محطات صعبة وصعودٌ يليق بالروّاد
لم تكن طريق عتاب مفروشة بالسهولة؛ إذ واجهت تحديات اجتماعية وثقافية كبيرة. ومع ذلك، استطاعت بصوتها وشجاعتها أن تفتح بابًا كان مغلقًا أمام المرأة.
تميّزت بعلاقتها العميقة مع الجمهور وبصمتها الواضحة في تجديد شكل الغناء النسائي، لتصبح نموذجًا مُلهِمًا لكل صوت نسائي يسعى لصناعة مساحته الخاصة.
تبقى عتاب واحدة من أهم الأصوات النسائية في تاريخ المملكة امرأة صعدت من وسط مجتمع محافظ، لكنها غنّت بصوت أكبر من كل القيود، وقدّمت للغناء السعودي هوية جديدة أكثر انفتاحًا وحداثة. ورغم رحيلها، يظل إرثها حاضرًا في كل مطربة سعودية تقف اليوم بثقة على المسرح.