النشأة والبدايات
وُلد الفنان سلامة العبد الله في منطقة حائل منتصف الأربعينات، في بيئة غنية بالشعر النبطي والحكايات الشعبية التي شكلت وعيه الفني المبكر، بدأ مسيرته في أواخر الستينيات، في وقت كانت الأغنية السعودية تتشكل فيه بأساليب بسيطة وإمكانات محدودة، لكنه سرعان ما استطاع أن يفرض حضوره بموهبة واضحة وصوت يحمل مزيجًا فريدًا من القوة والعذوبة.
أسلوبه الفني وتميّزه
اعتمد سلامة العبد الله على تقديم الأغنية العاطفية بأسلوب نجدي أصيل، مستندًا إلى نصوص عميقة وإحساس صادق يصل مباشرة إلى المستمع، كان واحدًا من قلة من الفنانين القادرين على أداء القصائد الطويلة دون فقدان الإيقاع أو الروح، وهو ما ظهر بوضوح في إحيائه لقصائد الشاعر الكبير محمد بن لعبون. تميز صوته بالشجن والدفء، ما جعله قريبًا من الجمهور، ومختلفًا عن كثير من أصوات عصره.
أشهر أعماله وإرثه الفني
قدّم سلامة العبد الله مجموعة واسعة من الأغاني التي أصبحت علامات واضحة في الذاكرة السعودية والخليجية لسنوات طويلة، من أشهرها “يا علي صحت بالصوت الرفيع”، و“تولعت بك والله”، و“هلّ دمعي على خدي”، و“يا طير يا مسافر”، تنوعت موضوعات أغانيه بين العاطفة والحنين والوداع، واستطاع أن يخلق هوية خاصة جعلت صوته مرتبطًا تلقائيًا بهذه المشاعر.
تجربته في القاهرة ودور مؤسسة هتاف
شهدت مسيرته خطوة فارقة عندما انتقل إلى القاهرة، التي كانت حينها مركزًا مهمًا للإنتاج الموسيقي في العالم العربي. هناك أسس مؤسسة “هتاف للإنتاج الفني”، التي أصبحت أول مؤسسة سعودية تحصل على رقم تسجيل رسمي في المملكة، بفضل هذه الخطوة، ارتفعت جودة تسجيل أعماله وتوسعت دائرة انتشارها، كما ساهم في إنتاج وتوثيق أعمال سعودية وخليجية أخرى، مما جعله جزءًا من مرحلة تطوير البنية الفنية السعودية في الخارج.
السنوات الأخيرة ورحيله
مع تقدم العمر وتراجع حالته الصحية، بدأ سلامة العبد الله يبتعد تدريجيًا عن الساحة الفنية في نهاية التسعينيات وبداية الألفية الجديدة، ورغم هذا الغياب، بقي اسمه حاضرًا في الذاكرة الشعبية كأحد أبرز رموز الفن النجدي، رحل في الثالث عشر من يناير 2007 بعد صراع مع المرض، تاركًا تاريخًا فنيًا غنيًا تجاوز حدود صوته، ليصبح جزءًا من الهوية الموسيقية السعودية ذاتها.
مكانته اليوم
يُنظر إلى سلامة العبد الله باعتباره واحدًا من الرواد الذين أسهموا في تثبيت شكل الأغنية الشعبية السعودية وصياغة نبرة العاطفة في الفن النجدي، صوته وأعماله ما زالت تُتداول وتُسمع حتى اليوم، ليس فقط بوصفها تراثًا فنيًا، بل باعتبارها جزءًا من مشاعر وذكريات أجيال كاملة.