محمد عبده.. من دار الأيتام إلى عرش الغناء الخليجي
قصة طفل يتيم بدأ صبيًا في مكتب البريد وبائع خضار، ليصبح بصوته وإصراره “فنان العرب” ورمز الأغنية السعودية
قصة محمد عبده ليست مجرد سيرة فنان عظيم، بل حكاية إنسانية تلهم كل من يقرأها، وُلد في قرية الدرب جنوب السعودية، وفقد والده صغيرًا، لتصبح والدته هي الحضن الوحيد له ولإخوته، لكن ضيق الحال دفعها للجوء إلى “الرباط”، وهو سكن مخصص للفقراء والأرامل.
وعندما كبر الأطفال قليلاً، اضطرت الأم للذهاب إلى الملك فيصل في الطائف لتطلب أن يُقبلوا في دار الأيتام بجدة. هناك، بدأت رحلة محمد عبده، كان يحصل على كسوة أربع مرات في السنة، ومصروف شهري 30 ريالًا، لكنه كان طفلًا ممتنًا، يحتفظ بالفواكه التي تُعطى له ليأخذها لأمه كل عطلة، فيما كانت الأم تكافح بتربية أطفال الجيران وغسل الملابس حتى تتجرح أصابعها.
في عمر السابعة، عمل محمد كـ”صبي” في البريد يساعد في توزيع الرسائل، كما كان ينظف المسجد ويؤذن الفجر بصوته الجميل، ثم يبيع الخضار على بسطته الصغيرة ليساعد عائلته.
موهبته انكشفت بالصدفة عندما كان يغني لزملائه قبل النوم، فسمعه مدير دار الأيتام محمد الشمري، الذي طلب أن يشارك في تلاوة القرآن والإنشاد بالمناسبات الوطنية. ومن هنا بدأت ملامح الفنان تظهر.
عام 1961 التحق بالإذاعة السعودية ليقدم برنامجًا للأطفال، وبعدها بعامين تم اعتماده مطربًا رسميًا. وفي 1964 احترف الغناء بالكامل، لتبدأ رحلة فنية استثنائية.
لم ينسَ أبدًا وعده لوالدته: أن يبني لها قصرًا. وعندما تحقق الحلم، دخلت القصر لكنها لم تره، لأنها فقدت بصرها، ومع ذلك، لم تتوقف عن نصحه أن يحافظ على صلاته وأخلاقه.
اليوم، يُعرف محمد عبده بـ “فنان العرب”، لكن خلف هذا اللقب حكاية طفل يتيم بدأ من دار الأيتام، وكبر بالإصرار والصوت العذب، حتى صار رمزًا للفن السعودي والعربي.