عيسى الأحسائي.. “فتى الشرقية” الذي صنع مجد الأغنية الشعبية السعودية

من شوارع الأحساء إلى شهرة الخليج، ترك عيسى الأحسائي بصمة لا تُمحى في الموسيقى السعودية، بصوته الذهبي وألحانه التي تجاوزت حدود الزمان والمكان.

البدايات: صوت من قلب الأحساء

وُلد عيسى إبراهيم الأحسائي عام 1945 في محافظة الأحساء شرق السعودية، في زمن كانت فيه الأغنية الشعبية تبحث عن هوية جديدة.

رغم أنه لم يكن يقرأ أو يكتب، إلا أنه تعلّم العزف على العود في سن مبكرة، وصنع لنفسه أسلوبًا مميزًا في الغناء والتلحين، ليُعرف لاحقًا بألقاب مثل “فتى الشرقية” و”الحنجرة الذهبية” و”ملك الألحان”.

رحلة فنية عمرها 25 عامًا

استمرت مسيرة الأحسائي نحو ربع قرن، أصدر خلالها 400 شريط كاسيت و200 أسطوانة، في زمن كانت فيه التسجيلات الصوتية هي وسيلة الانتشار الأولى، انتشرت أغانيه في السعودية والكويت والعراق وبقية دول الخليج، لتصبح بعض أعماله جزءًا من الذاكرة الغنائية الشعبية للمنطقة.

أسلوبه الموسيقي: تنويع وإبداع

امتاز عيسى الأحسائي بقدرته على تنويع الألحان وأداء الأغنية الواحدة بعدة ألحان مختلفة، كما كان مبدعًا في أداء المواويل والزهيريات، وهي ألوان غنائية تتطلب طاقة صوتية عالية وحسًا فنيًا خاصًا.

استغل عذوبة صوته وقدرته على تقليد اللهجات ليجعل أغانيه قريبة من مختلف الشرائح.

“محلى الشفر محلاه”.. من الفن إلى الحياة اليومية

من الطرائف التي ارتبطت بحياته أغنية “محلى الشفر محلاه” التي تغنّى فيها بسيارته الشيفروليه، قائلاً:

محلى الشفر محلاه ومن ورده مشكور

مشكور من فكر وجاب امتيازاته

كانت الأغنية نتاج جلسة فنية جمعته في الكويت بالشاعر علي القحطاني، الذي كتب له العديد من الأغاني خلال فترات عمله وسفره بين الشرقية والكويت.

بين الفن والحكاية الشعبية

بحسب الباحث سمير الضامر في كتابه البشتخته، استطاع الأحسائي أن يرفع سقف الأغنية الشعبية، وينقلها من الغزل العذري إلى قصص شعرية تحكي المغامرات والحياة الاجتماعية، لتصبح أعماله توثيقًا غير مباشر لثقافة المجتمع الخليجي في السبعينات والثمانينات.

الرحيل والإرث

رحل عيسى الأحسائي في 20 فبراير 1983 إثر هبوط في الدورة الدموية، لكنه ترك وراءه إرثًا فنيًا ضخمًا وذكريات موسيقية لا تزال تُردد حتى اليوم.

يبقى “فتى الشرقية” أحد الرواد الذين أسسوا للأغنية السعودية الحديثة، وأحد أكثر الأصوات تأثيرًا في السعودية