من “وردك يا زارع الورد” إلى “مقادير” و”زمان الصمت”.. مسيرة فنان صنع الحداثة وترك إرثًا خالدًا في وجدان العرب
يُعتبر طلال مداح (1940 – 2000) واحدًا من أهم الأصوات في تاريخ الأغنية السعودية والعربية، بدأ رحلته أواخر الخمسينات مع أغنية “وردك يا زارع الورد”، التي صارت أول أغنية عاطفية سعودية تُذاع عبر الإذاعة الرسمية، ومنذ تلك اللحظة صار اسمه مرتبطًا بتجديد الأغنية وإخراجها من حدود المحلية.
في السبعينات قدّم مجموعة من أبرز أعماله بالتعاون مع شعراء وملحنين كبار مثل الأمير بدر بن عبد المحسن وسراج عمر، ومن بين هذه الأعمال التي لا تزال حاضرة حتى اليوم: مقادير، زمان الصمت، وعد، وأغراب، هذه الأغاني لم تبقَ في السعودية فقط، بل وصلت إلى المسارح العربية الكبرى ونالت إعجاب جمهور مختلف الثقافات.
ما يميّز طلال مداح أنه لم يكن مجرد مطرب يؤدي كلمات وألحان غيره، بل كان يكتب ويلحن وينتج بنفسه.
وهو أول فنان سعودي تُترجم له أغنية إلى الفرنسية، وأول من سجّل رسميًا في جمعية المؤلفين والموسيقيين في فرنسا، كما كان أول من شكّل فرقة موسيقية متكاملة في الخليج.
ألقابه الكثيرة مثل “صوت الأرض” و”صاحب الحنجرة الذهبية” و”أستاذ الجميع” تعبّر عن حجم تأثيره، ورغم رحيله المفاجئ على مسرح المفتاحة في أبها عام 2000، استمر صوته حاضرًا عبر الألبومات التي صدرت بعد وفاته، وكان آخرها ألبوم “منك يا هاجر” عام 2011.
بالنسبة لجيل اليوم، قد يبدو طلال مداح من زمن بعيد، لكن من يستمع لأغانيه يكتشف أنها ما زالت تعبّر عن المشاعر نفسها: الحب، الغربة، الحنين، والبحث عن الذات، وهذا ما يجعله حتى الآن “صوت الأرض” الذي يصل لكل جيل.