السيرة والبدايات
وُلد الموسيقار طارق عبد الحكيم عام 1918 في مكة المكرمة، ونشأ في بيئة غنية بالفنون الحجازية والتراث السعودي الأصيل. منذ سنواته الأولى، ظهرت ميوله الموسيقية، قبل أن تصبح لاحقًا أساسًا لنهضة موسيقية غير مسبوقة في المملكة.
ريادته ودوره المؤسسي
لم يكن طارق عبد الحكيم مجرد فنان؛ فقد لعب دورًا محوريًا في تأسيس الموسيقى السعودية الحديثة عبر عدة محاور:
أول قائد للفرقة الموسيقية في الجيش السعودي، ومسؤول عن تصميم وتطوير الأنظمة الموسيقية العسكرية.
إنشاء نواة معهد موسيقي عسكري، أسهم في تخريج جيل من العازفين المؤهلين.
مزج التراث بالتطوير، حيث أخذ الألحان الشعبية من بيئات متعددة—الحجاز، نجد، عسير، والشرق—ومنحها قالبًا موسيقيًا احترافيًا.
علامة فارقة في تاريخ التسجيلات
كان من أوائل السعوديين الذين سافروا لتسجيل أعمالهم خارج المملكة، خصوصًا في مصر وبيروت، مما أثّر في انتشار الأغنية السعودية وتوثيقها بشكل منهجي.
تعاونه مع كبار الفنانين العرب
امتد تأثيره خارج حدود المملكة، فكان على صلة بكبار الفنانين العرب، ولحّن لعدد من الأصوات الشهيرة مثل:
نجاة الصغيرة
صباح فخري
وديع الصافي
إضافة إلى مساهمته في نشر اللون السعودي عربيًا لأول مرة.
أهم أعماله الخالدة
ترك طارق عبد الحكيم إرثًا يتجاوز 300 عمل بين أغانٍ ومقطوعات موسيقية. من أشهرها:
“يا ريم وادي ثقيف”: واحدة من أيقوناته الفنية.
“لنا الله يا درة الأوطان”: من أبرز الأغاني الوطنية في تلك الحقبة.
“أنت وأنا ما نختلف”: أغنية عاطفية بصبغة لحنية راقية.
“سائليني يا خضيرة”: لون فولكلوري أصيل أعاد صياغته بأسلوب حديث.
بالإضافة إلى مقطوعات عسكرية ما زالت تُستخدم حتى اليوم في العروض الرسمية.
مسيرة من التكريم والتأثير
نال طارق عبد الحكيم تقديرًا عالميًا، أبرزها:
جائزة اليونسكو العالمية للموسيقى عام 1981—كأول فنان عربي ينالها.
كما كُرّم في العديد من المهرجانات والفعاليات الخليجية والعربية تقديرًا لدوره الريادي.
رحيله وإرثه الذي لا يُنسى
توفي في القاهرة عام 2012 بعدما ترك إرثًا موسيقيًا ضخمًا، جعله يُلقّب بـ عميد الموسيقى السعودية وشيخ الملحنين.
ظلّ طوال حياته مؤرخًا وناقلًا أمينًا للفنون الشعبية السعودية، حافظ عليها وقدمها للأجيال بأسلوب فني حديث.