شاعر وملحن ومطرب سعودي صنع لنفسه هوية فنية فريدة جمعت بين العاطفة والإنسانية، ليصبح أحد أهم رموز الأغنية السعودية الحديثة.
خالد عبد الرحمن بن محمد بن علي الودعاني الدوسري (مواليد 22 أبريل 1965)، مغنٍ وملحن وشاعر سعودي، يُعد من أبرز رموز الأغنية السعودية الحديثة، جمع بين العاطفة والشجن في ألحانه وكلماته، ليحجز مكانة خاصة في قلوب جمهوره، ويُعرف بألقاب عدة أبرزها “ملك الفن” و”مخاوي الليل”.
النشأة والبدايات
وُلد خالد عبد الرحمن في مدينة الرياض، فيما سُجّل تاريخ ميلاده في الأوراق الرسمية بتاريخ 28 نوفمبر 1962م، فقط ليبدو أكبر سنًا ويتمكن من استخراج رخصة قيادة في سن مبكرة.
نشأ وسط أسرة مكونة من عشرة أبناء، وكان الابن الأكبر، وتوفي والده عام 1983، فتولى خالد مسؤولية أسرته وهو لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره.
لم يُكمل تعليمه الثانوي بعد المرحلة الابتدائية، لكنه كان منذ صغره محبًا للشعر والعزف، متأثرًا بالبيئة البسيطة التي عاش فيها وبهواية والده للأدب الشعبي.
الحياة الشخصية
تزوج خالد عبد الرحمن مرتين؛ الأولى كانت عام 2009 من محيط أسرته وانتهت بالانفصال، والثانية عام 2014 من عائلة في رأس الخيمة بدولة الإمارات العربية المتحدة.
عُرف خالد بطبعه الهادئ وابتعاده عن الأضواء خارج المجال الفني، واهتمامه بالرحلات البرية والصيد، وهي الهوايات التي كثيرًا ما انعكست على أعماله الشعرية والفنية.
البدايات الفنية
بدأ خالد مسيرته بكتابة الشعر وتلحينه قبل أن يدخل مجال الغناء رسميًا، وشهدت بداياته أزمة عاطفية شكلت طابعًا حزينًا في أعماله الأولى، وهو ما جعل صوته وألحانه تحمل دائمًا لمسة وجدانية عميقة.
اشترى عوده الأول عام 1985، وحاول تعليم نفسه العزف، لكنه فشل عدة مرات حتى أتقنه بعد جهد طويل، تأثر بالفنانين سلامة العبد الله وحمد الطيار وبشير شنان وسليمان الملا، وبدأ يغني لأصدقائه قبل أن تتسرب تسجيلاته للأسواق وتلقى رواجًا كبيرًا شجعه على الاحتراف.
الانطلاقة والشهرة
سافر خالد إلى الكويت عام 1987 لتسجيل أول ألبوماته، وبعد عام أصدر ألبومه الأول “صارحيني” عام 1988، والذي موّل إنتاجه ببيع سيارته والاقتراض من أصدقائه.
حقق الألبوم نجاحًا كبيرًا مكّنه من تثبيت اسمه بين نجوم الأغنية السعودية، لتتوالى بعد ذلك أعماله الناجحة مثل “بقايا جروح” (1989)، و”إفراق” (1990)، و”انتظرته” (1991).
وفي عام 1992 أصدر ألبوم “آهات” الذي حقق مبيعات تجاوزت المليون نسخة، ليصبح أحد أكثر الألبومات مبيعًا في تاريخ الأغنية الخليجية.
الاعتزال المؤقت
في عام 1994 أعلن خالد عبد الرحمن اعتزاله الغناء بشكل مفاجئ، مبررًا ذلك برغبته في التفرغ لحياته الخاصة، لكنه تراجع عن القرار بعد فترة قصيرة استجابةً لإلحاح جمهوره ووسائل الإعلام، ليعود بمستوى فني ناضج وتجارب أكثر عمقًا.
شاعر وملحن
يُعتبر خالد من القلائل في الساحة الخليجية الذين يجمعون بين الغناء والتلحين وكتابة الشعر.
أصدر ديوانه الشعري “العطا” عام 1996، وأقام أمسيات شعرية عدة داخل السعودية وخارجها.
كتب ولحّن عددًا كبيرًا من أغانيه بنفسه، كما تعاون مع عدد من كبار الشعراء والملحنين مثل نواف الشلهوب وسهم وغياهيب وغيوض وشيمة ومطلع الشمس.
ورغم انفتاحه الفني، إلا أنه كان يرفض أداء الدويتوهات الغنائية مع المغنيات أو تصوير الأغاني بوجود العنصر النسائي، موضحًا أن المشاهد سيركز على الصورة أكثر من مضمون العمل.
الأعمال الإنسانية
تميّز خالد عبد الرحمن بحس إنساني عالٍ في فنه، حيث أصدر عام 1991 ألبوم “رسالة من معاق” دعمًا لذوي الاحتياجات الخاصة، وهو ما أكسبه لقب “فنان الإنسانية”.
وفي عام 2020 منحه مجلس العالم الإسلامي للإعاقة والتأهيل جائزة التميز في الفن الإنساني، تقديرًا لإسهاماته الفنية والاجتماعية.
التمثيل والمسرح
خاض خالد عبد الرحمن تجربة التمثيل لأول مرة عام 2020 من خلال مسلسل “ضرب الرمل”، المأخوذ عن رواية الكاتب محمد المزيني.
وفي موسم الرياض 2022، جسّد شخصية الشاعر والفارس نمر بن عدوان في عمل مسرحي غنائي حمل الاسم نفسه، محققًا تفاعلًا واسعًا من الجمهور.
الحفلات والمشاركات
شارك خالد في العديد من المهرجانات السعودية والعربية، أبرزها مهرجان الجنادرية الذي ظهر فيه عام 1991 ثم توالت مشاركاته في دوراته اللاحقة.
كما أحيا حفلات ناجحة في القاهرة، البحرين، الكويت، لندن، باريس، وجنيف، إلى جانب مشاركته في حفلات موسم الرياض وفعاليات جولة المملكة 2023.
وفي عام 2022 أُقيمت له ليلة تكريمية ضمن موسم الرياض تحت عنوان “ليلة مخاوي الليل”، تضمنت معرضًا خاصًا لمقتنياته وصوره النادرة.
شركات الإنتاج
تعاون خالد عبد الرحمن خلال مسيرته مع عدة شركات إنتاج فنية، من بينها مؤسسة جوريم، فنون الجزيرة، شركة الخيول، أنغام، روتانا، وأخيرًا “ون برودكشن” التي انضم إليها عام 2020.
وكانت روتانا قد أصدرت له عددًا من أبرز ألبوماته مثل “قلبك كبير” عام 1999 و”الحب الكبير” عام 2016.
ملامح من شخصيته
عرف عن خالد حبه للرحلات البرية والسيارات، وكان يمتلك سيارات دفع رباعي مخصصة للصيد والتنقل في البراري.
في عام 2018 تعرّض لوعكة صحية بسبب إصابته بمرض الحزام الناري وطلب من جمهوره الدعاء له بالشفاء.
وفي أحد لقاءاته، تحدث عن تجربة غريبة قال فيها إن تناوله لحم الضبع ساعده في علاج آلام الكلى، وهو ما أثار جدلاً واسعًا في الأوساط الطبية والإعلامية.
كما قدّم برنامجًا تلفزيونيًا بعنوان “كشتة خالد” عُرض على القناة السعودية الأولى، جاب فيه مناطق المملكة معرفًا بثقافاتها، واختُتمت كل حلقة بجلسة طربية مع رفاقه.