اللحظات الأخيرة على المسرح
في السادس من أغسطس عام 2000، كان الفنان طلال مداح يقف على مسرح “المفتاحة” في أبها، ليقدم حفله الأخير أمام جمهور غفير، بدا خلاله في قمة صفائه وهدوئه النفسيم، لم يكن أحد يدرك أن تلك الليلة ستصبح الوداع الأخير لصوت الأرض.
روى صديقه خالد منذر في برنامج تلفيزيوني أن طلال قبل صعوده المسرح بساعتين قال له بهدوء:
“نفسي أدفن جنب أمي في مكة.”
كلمات عابرة في ظاهرها، لكنها كانت إشارة الرحيل القريب.
لحظة الرحيل على المسرح
اعتلى طلال المسرح، فاستقبله الجمهور بتصفيق طويل، وقف له احترامًا وحنينًا، جلس على الكرسي، أمسك العود، وبدأ بموال شجي، ثم دخل في أغنية:
الله يرد خطاك لدروب خلانك
لعيون ما تنساك لو طال هجرانك
وما إن بدأ المقطع الأول حتى داهمته النوبة القلبية، فسقط على الأرض وسط دهشة الجميع، صعد إليه صديقه خالد منذر، فاحتضنه ورفع رأسه عن الأرض، ثم أُسعف على الفور، لكنه فارق الحياة في المستشفى.
الأمنية التي تحققت
قبل رحيله بساعات قليلة، سأل خالد منذر طلال عن مكان دفن والديه، فأجابه:
“أبوي في جدة، وأمي في مكة… وأنا أتمنى أندفن جنب أمي في مكة.”
وبعد ساعات فقط، تحققت أمنيته؛ إذ دُفن بعد صلاة الجمعة في مكة المكرمة، بجوار والدته.
روح مؤمنة وصوت خاشع
روت زوجته مها مداح أن طلال كان محافظًا على صلاته، مكثرًا من ذكر الله وتلاوة القرآن.
وقال صديقه خالد منذر:
“كان يحفظ القرآن، ويقوم الليل بجزء أو جزءين، وإذا تلا، تتمنى ألا يركع من جمال صوته وترتيله”.
إرث فني خالد
رحل طلال مداح وهو يغني، كما عاش يغني، كانت أغنية “الله يرد خطاك” بمثابة خاتمة صوتٍ صدح بالحب والوطن والإيمان، ليترك وراءه تراثًا موسيقيًا يخلد اسمه في ذاكرة الفن العربي إلى الأبد.
رمزية أغنية «الله يرد خطاك»
كانت «الله يرد خطاك» آخر ما صدح به طلال مداح، وكأنها رسالة وداع من صوتٍ أحب الحياة والفن حتى اللحظة الأخيرة.
بكلماتها المليئة بالشوق والحنين، تحولت الأغنية إلى رمز للرحيل الهادئ، حيث ودّع طلال جمهوره بنفس اللحن الذي عاش به: صادقًا وعذبًا.