من «فوق هام السحب» إلى «أنا السعودي».. خمس محطات غنائية صنعت الوجدان الوطني بصوت محمد عبده

من «فوق هام السحب» إلى «أنا السعودي»… خمس محطات غنائية صنعت الوجدان الوطني بصوتٍ خالد.
لينكدإن
فيسبوك
تويتر
تيليجرام
واتساب

شارك:

منذ بداياته، شكّل محمد عبده صوت الهوية السعودية الحديثة، وارتبط اسمه بكل مناسبة وطنية كبرى.

بصوته الهادئ حينًا والحماسي حينًا آخر، استطاع أن يجعل من الأغنية الوطنية قالبًا فنيًا متكاملًا، يتجاوز التمجيد ليعبّر عن وجدان الناس واعتزازهم بتاريخهم.

وخلال أكثر من خمسة عقود، قدّم فنان العرب مجموعة من الأعمال التي أصبحت جزءًا من ذاكرة الوطن.

 1. فوق هام السحب

الكلمات: الأمير بدر بن عبد المحسن

الألحان: محمد عبده

لا يمكن الحديث عن الأغنية الوطنية السعودية دون ذكر هذه الأيقونة.

«فوق هام السحب» تجمع بين الشعر الراقي واللحن المهيب، حتى أصبحت نشيدًا غير رسمي للوطن. كتبها الأمير بدر بن عبد المحسن، وظلت في الأدراج لسنوات قبل أن يخرجها محمد عبده إلى النور، لتتحول إلى رمز للفخر والاعتزاز الوطني.

حتى اليوم، تُطلب منه في كل حفل وطني، باعتبارها أغنية تحمل صوت السعودية إلى العالم.

 فوق هام السحب وإن كنتي ثرى

فوق عالي الشهب يا أغلى ثرى

 2. أجل نحن الحجاز ونحن نجد

الكلمات: غازي القصيبي

الألحان: محمد عبده

أغنية تجسّد الوحدة الوطنية في أبهى صورها. كتبها الدكتور غازي القصيبي عام 1990 ردًّا على حملات مغرضة ضد المملكة، فجاءت كرسالة عزّ وتماسك.

بلحنه القوي وصوته المهيب، حوّل محمد عبده الكلمات إلى نشيدٍ يعبّر عن وحدة الأرض والشعب والمصير.

أجل نحنُ الحجاز ونحن نجدُ

هنا مجدٌ لنا وهناك مجدُ

 3. لا تسألوا عني (أنا السعودي)

الكلمات: الأمير محمد العبدالله الفيصل

الألحان: محمد عبده

من الأغاني التي تعبّر عن الاعتزاز بالانتماء، وفيها يعرّف محمد عبده بنفسه بوصفه رمزًا للسعودي الأصيل.

العمل يدمج بين القصيدة الحماسية والروح الإنشادية، ليجعل من «أنا السعودي» شعارًا متجددًا في كل احتفال وطني.

☐  لا تسألوا عني.. أنا السعودي وكفى

أصل العرب مني.. وعني عرفتوا الوفا

 4. حدثينا يا روابي نجد

الكلمات: الأمير بدر بن عبد المحسن

الألحان: سراج عمر

تحفة فنية تستحضر ذاكرة التأسيس ومآثر الملك عبدالعزيز – طيّب الله ثراه.

الأغنية حوار بين الجغرافيا والتاريخ، بين نجد والأحساء والسراة، وفيها يروي عبده قصة وطن وملوكه الذين وحّدوه.

تُعد من أقرب الأعمال إلى قلب الجمهور السعودي، لما تحمله من حنينٍ وعزةٍ وتاريخ.

 حدثينا يا روابي نجد.. يا جبال السراة

جددي فينا الحياة.. عن أبو تركي العظيم

 5. سور البلد عالي

الكلمات: ناصر بن جريد

الألحان: محمد شفيق

واحدة من الأغنيات الحماسية التي تعكس قوة الوطن وصلابته.

لحنها محمد شفيق بلغة موسيقية تميل إلى الأوبريت الجماعي، وقدّمها محمد عبده بصوته القوي لتصبح من أشهر الأناشيد في التسعينيات.

«سور البلد عالي» لا تزال حتى اليوم تذكّر السعوديين بمرحلة الازدهار والثقة في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز.

 سور البلد عالي.. عز الوطن غالي

إرثٌ لا ينتهي

ما قدّمه محمد عبده في الأغنية الوطنية لم يكن مجرد أعمال موسيقية، بل تاريخٌ يُغنّى.

فمن «فوق هام السحب» إلى «أنا السعودي»، كتب فنان العرب بصوته سيرة وطنٍ لا يعرف التوقف عن النهوض،

وجعل من الفن أداةً للذاكرة، ومن الأغنية رايةً تُرفرف مع كل يوم وطني جديد.

اقرأ أيضاً

من بعد مزح ولعب.. قصة أغنية خلدها الزمن

تُعد أغنية “من بعد مزح ولعب” من أبرز الأغنيات التي وُلدت من قلب التراث الحجازي الأصيل، بكلمات الشاعرة ثريا قابل، وألحان وأداء الفنان الكبير فوزي محسون في ستينيات القرن الماضي.

أغنية جمعت بين دفء الكلمة وصدق اللحن، لتصبح علامة فارقة في تاريخ الأغنية السعودية والعربية.

كيف وُلدت الأغنية؟

بدأت الحكاية عندما كانت الشاعرة ثريا قابل تكتب أغنية “لالا وربي” للفنان فوزي محسون، لكنها قررت لاحقًا أن تقدمها للفنان محمد عبده بعد وساطة من الأمير عبدالله الفيصل.

ولتعويض فوزي محسون، كتبت له أغنية جديدة كانت “من بعد مزح ولعب”، لتصبح لاحقًا من أهم أعماله وأشهر أغنياته على الإطلاق.

كلمات من قلب التجربة

كانت ثريا قابل تكتب قصائدها على فترات طويلة، واستغرق منها نظم “من بعد مزح ولعب” عامًا كاملًا.
استلهمت الأبيات الأولى من ذكريات طفولتها مع زوجها، وقالت فيها:

من بعد مزح ولعب
أهو صار حبك صحيح
وأصبحت مغرم عيون
وامسيت وقلبي طريح

بين الشعر والمجتمع

في ذلك الوقت، كانت ثريا قابل من القلائل اللاتي كتبن الشعر في مجتمع لا يقبل إلا “الشعراء”،
كانت جريئة في التعبير عن قضايا المرأة وحقوقها — مثل قيادة السيارة والمشاركة الاجتماعية — ولذلك كتبت تقول:
وأنا الذي كنت أهرج
والكل حولي سكوت
صرت أتلّام وأسكت
وأحسب حساب كل صوت

لحظة أمومة مؤثرة

وعندما مرض ابنها ذات يوم، جلست إلى جانبه تضع الكمادات على رأسه، وولدت من قلب اللحظة هذه الأبيات الرقيقة:

والله يا أحلى عمري
فعيوني مالك مثيل
تساوي الروح وتغلى
وتكون عنها بديل

مؤدوها وأثرها

أدى الأغنية في البداية فوزي محسون، ثم أعاد غناءها عدد من كبار الفنانين مثل طلال مداح، عبادي الجوهر، وطلال سلامة، وتوالت بعدها النسخ بصوت ماجد المهندس وعبد المجيد عبدالله وغيرهم.

لتظل “من بعد مزح ولعب” واحدة من الأغنيات التي لا تغيب عن الذاكرة، شاهدة على جمال الكلمة السعودية وصدق الإحساس الحجازي.

أثر الأغنية في الوجدان السعودي

لم تكن “من بعد مزح ولعب” مجرد أغنية عاطفية، بل مرآة لعصرٍ بدأت فيه الأغنية السعودية تتشكّل كهوية فنية ناضجة.

مزجت بين البساطة الشعبية والعمق الإنساني، فحملت مشاعر الحب والحياء والصدق التي تميز الإنسان الحجازي.

ومع مرور الزمن، أصبحت جزءًا من الذاكرة الجماعية للسعوديين، تُغنى في المجالس وتُردد في الاحتفالات، شاهدة على مرحلة ازدهار الكلمة واللحن في تاريخ الفن السعودي.

قصة أغنية «ما بين بعينك» لراشد الماجد

ليست كل الأغاني مجرد ألحان وكلمات، فبعضها يحمل بين طياته قصة واقعية تترك أثراً في الذاكرة والوجدان، وأغنية «ما بين بعينك» للفنان راشد الماجد واحدة من تلك الأعمال التي ولدت من حكاية حب صادقة اصطدمت بواقع صعب، ثم انتهت بجرح عميق جعل منها أغنية خالدة في قلوب المستمعين.

البداية: حب تحدّى رفض الأهل

الحكاية بدأت مع شاب وبنت جمعهما حب حقيقي، تقدم الشاب لخطبتها، لكن أهلها رفضوه بحجة أن مستواه التعليمي ضعيف وأن دخله المادي لا يؤهله لإعالة أسرة، رغم ذلك، تمسكت الفتاة بموقفها وأعلنت أنها لن تتزوج غيره مهما ضغطوا عليها.

الدعم.. والرهان على المستقبل

كانت الفتاة تنتمي لعائلة ميسورة، فقررت أن تمد حبيبها بالمال حتى يثبت نفسه ويصبح قادراً على إقناع أهلها، وبالفعل، أخذ الشاب المال، بدأ مشاريع صغيرة كبرت شيئاً فشيئاً، حتى صار رجل أعمال ناجح يملك استثمارات ويسافر من بلد لآخر.

التحوّل.. من وعد إلى خيبة

لكن مع النجاح، تغيّر قلب الشاب. لم يعد يهتم بالفتاة كما كان، وأصبح يتهرّب من وعوده، كلما سألته عن موعد تقدمه الرسمي لأهلها، كان يجد عذراً جديداً، وفي النهاية، جاء الرد القاسي الذي غيّر مجرى القصة:
“حنا ما عاد نصلح لبعض… وكل واحد في طريق.”

من القصة إلى الأغنية

هذا الجرح العاطفي تحوّل إلى عمل فني كبير بصوت راشد الماجد، أغنية «ما بين بعينك» حملت كلمات مليئة بالخذلان والندم، وكأنها صدى لصوت الفتاة التي أعطت من قلبها ومالها وضحّت من أجل من تحب، لكنها لم تجد سوى الغدر والنسيان.

بعض كلمات الأغنية

ما بين بعينك
على كثر ما جاك لا واحسافه
ليتني ما عطيتك
تخطي وأعذرك وأتحمل خطاياك

هذه الكلمات تجسد الألم والحسرة، وتلخّص رحلة عاطفية مليئة بالتضحيات التي انتهت بلا مقابل.

هكذا خرجت «ما بين بعينك» من رحم قصة واقعية لتصبح أكثر من مجرد أغنية؛ إنها حكاية عن الحب، الطموح، والخيانة، رواها راشد الماجد بصوته لتبقى عالقة في وجدان الجمهور.

«عطني المحبة».. الأغنية التي صنعت المنعطف الكبير لطلال مداح

من جلسة خاصة في حي الكندرة بجدة، إلى مسرح التلفزيون… «عطني المحبة» لم تكن مجرد أغنية، بل بداية مرحلة جديدة في مسيرة طلال مداح وصوت جيل كامل.

«عطني المحبة.. كل المحبة واعطيك حياتي» لم تكن مجرد جملة غنائية شجية، بل كانت لحظة فارقة في مسيرة صوت الأرض طلال مداح، فهي أول تعاون له مع الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن، وأحد أهم الأعمال التي رسّخت حضوره الجماهيري عبر شاشة التلفزيون في مطلع السبعينيات.

القصة بدأت في حي الكندرة بجدة، حيث كان الفنانون الكبار جيرانًا: فوزي محسون، سراج عمر، ابتسام لطفي، وغيرهم، هناك، كان بيت فوزي محسون بمثابة ملتقى يومي يجتمع فيه طلال مداح، محمد عبده، عبادي الجوهر، وغيرهم من رموز البدايات الذهبية للأغنية السعودية.

يروي الموسيقار سامي إحسان أنه دخل يومًا على طلال فوجده في عزلة إبداعية داخل غرفة والدته يدندن بفكرة جديدة، رحب به طلال وطلب منه أن يمسك الإيقاع، وهناك ولدت نواة لحن «عطني المحبة»، وخوفًا من أن تُسرق الفكرة أو تُفرض عليه مشاركتها قبل أن تكتمل، أخفى طلال الأمر عن البقية، ليظهر لاحقًا على مسرح التلفزيون كواحدة من أهم محطاته الفنية.

ما يميز الأغنية ليس فقط كلماتها العاطفية العميقة، بل أيضًا الروح الفنية المشتركة التي جمعت أبناء ذلك الجيل، حيث تتقاطع ألحان طلال وسراج عمر وفوزي محسون في أنغام متقاربة تعكس مدرسة موسيقية متكاملة.

وبين جملة بدر بن عبدالمحسن «وأغلى الأماني.. عاشت في غربة» وصوت طلال وهو يغني: «عطني المحبة.. كل المحبة.. وأعطيك حياتي»، وُلد عمل صار أيقونة زمنية تختصر شغف السبعينيات، وتؤرخ للحظة التقاء الشاعر والملحن والمطرب في أغنية واحدة صنعت منعطفًا لا يُنسى.

بحث في الصوالين

ابدأ بكتابة كلمة للبحث…