هناك ممثلون يصنعون أدوارًا، وهناك ممثلون تصنعهم الأدوار، لكن ليوناردو دي كابريو؟ هو من يخلق العوالم، يزرع داخلها وجع الإنسان، ثم يتركنا نحبه ونكرهه في الوقت نفسه.
من التسعينات إلى اليوم، من “جاك” الغريق إلى “جوردن بيلفورت” المهووس، ليوناردو كان المرآة التي عكست كل ما فينا من طموح وخوف وجنون.
وهذه عشرة أفلام اختصرت مسيرته مثل مرآة مشروخة… فيها الضوء، فيها الوجع، وفيها الحياة.
What’s Eating Gilbert Grape (1993)
هنا وُلِد “ليو” الحقيقي. لم يكن وسيمًا بعد، ولا نجمًا بعد، لكنه كان طفلًا يلمس جوهر التمثيل بيدين نقيّتين. في دور “آرني”، قدّم إنسانًا لا دورًا. جعلنا نرى البراءة كمأساة، والاختلاف كقوة. كان أول وعد من طفلٍ اسمه ليوناردو… وعدٌ أنه لن يكون مثل أحد.
The Departed (2006)
حين اجتمع مع سكورسيزي، بدا كأنه ابنٌ وجد أباه الروحي. في “The Departed” لم يكن بطلًا مثاليًا، بل روحًا تائهة بين الجريمة والواجب. العنف هنا لا يُخيف، بل يُعرّي الإنسان. وكل نظرة منه كانت سؤالًا عن معنى الولاء في عالمٍ بلا مبادئ. فيلم يثبت أن الظلام لا يُخيفه، بل يُلهمه.
Inception (2010)
“احلم… لكن لا تستيقظ.”
بهذه الجملة نلخّص رحلة “Inception”. فيلم جعلنا نعيش داخل عقل دي كابريو نفسه، بين فوضى الذنب وجنون الفقد. مع نولان، دخل ليو عوالم الحلم كمن يدخل ذاته. كان الممثل والمشهد والحلم في آنٍ واحد. إنه الفيلم الذي جعل من الخيال علمًا، ومن الحزن بطولة.
Django Unchained (2012)
أول مرة نرى ليوناردو شريرًا بلا ملامح إنسانية. “كالفين كاندي” هو الوجه القبيح للسلطة والمال والعنصرية، وليو لعبه كمن يرقص في الجحيم. سحرنا وهو يُضحكنا، وجرّحنا وهو يبتسم. إنه الدور الذي قال فيه: “أنا لست البطل… لكنني القصة.”
Catch Me If You Can (2002)
هنا بدأ ليو يتحوّل من فتى وسيم إلى رجل يعرف كيف يخدع الكاميرا والعالم. بشخصية “فرانك أبانغيل”، سرق قلوبنا كما سرق الطائرات والشيكات. مع سبيلبرغ، كان خفيفًا كالنكتة، عميقًا كالحيلة. فيلم عن الحلم الأمريكي، وعن كل طفلٍ أراد أن يكون أحدًا آخر فقط ليُحَب.
Killers of the Flower Moon (2023)
في هذا الفيلم، لم يكن ليو بطلًا ولا شريرًا، بل إنسانًا ضائعًا في منطقة رمادية من التاريخ. سكورسيزي رسم لوحة عن الطمع، وليو لوّنها بنظرات رجلٍ يحب ويخون في الوقت نفسه. فيلم ثقيل كالخطيئة، صادق كدمعة، ويذكّرنا بأن الشرّ الحقيقي لا يصرخ… بل يهمس.
Titanic (1997)
الأسطورة.
الفيلم الذي جعل العالم يذوب في قصة حب ويغرق معها. “جاك” لم يكن مجرد عاشق، بل رمزًا للحلم والحرية واللحظة التي لا تتكرر. في “تايتانيك”، تحوّل ليوناردو من ممثل إلى ظاهرة، من وجه جميل إلى ذاكرة بشرية جماعية. وحتى اليوم، حين نسمع “My Heart Will Go On”، نحس أننا نودعه من جديد.
The Wolf of Wall Street (2013)
الجنون في أجمل صوره.
في “ذئب وول ستريت”، فتح ليو أبواب الجحيم بابتسامة. لعب دور “جوردن بيلفورت” وكأنه يعزف سيمفونية الفوضى. ضحكنا، انصدمنا، وصرنا نحبه أكثر رغم أنه أسوأ من في القصة. لأن ليو يعرف كيف يجعل القبح يبدو مغريًا، والدمار يبدو ممتعًا.
One Battle After Another (2025)
أحدث معاركه… وأكثرها نضجًا.
في فيلم بول توماس أندرسون الجديد، رأينا ليو الأب، الإنسان، الرجل الذي تعب من الثورة لكنه لم يتعب من الحب. جسّد “بوب فيرغسون” كأنه يلعب دور حياته الأخيرة، بمزيج من السخرية والوجع والحنين. إنه فيلم عن الزمن، عن الخسارة، عن محاولة النجاة في عالم لا يكافئ الطيبين. “One Battle After Another” هو فيلم لا يُشاهَد… بل يُحَس.
Once Upon a Time… in Hollywood (2019)
هنا، في قصة ممثل يبحث عن نفسه في زمن يتغيّر، كأن ليوناردو كان يتحدث عن نفسه. “ريك دالتون” هو ليو من الداخل: فنان يخاف أن يُنسى، لكن لا يعرف إلا أن يعطي كل شيء. في هذا الفيلم، يضحكنا وهو ينهار، يبكينا وهو يتصالح مع النهاية.
إنه أجمل وداع غير مُعلَن بين نجمٍ وسينما… وبيننا وبينه.