صالون منوعات

قصص متنوعة من عالم الفن والثقافة

الكيرم في السعودية: لعبة شعبية تراثية تجمع بين المهارة والاجتماعيات

تُعد لعبة الكيرم واحدة من أبرز الألعاب الشعبية التي عرفها المجتمع السعودي، خاصةً في منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة قبل أن تنتشر في مناطق مختلفة من المملكة خلال العقود الماضية.

 ورغم حداثة وسائل الترفيه اليوم، لا تزال الكيرم تحتفظ بمكانتها في الذاكرة الاجتماعية، خصوصًا لدى الأجيال التي تربطها بأجواء المجالس وليالي رمضان.

أصل اللعبة وانتشارها

تنحدر الكيرم من شبه القارة الهندية، حيث انتقلت إلى السعودية عبر الاحتكاك التجاري والثقافي، ومنذ ذلك الوقت أصبحت جزءًا من التجارب الترفيهية العائلية في المنازل والمجالس التقليدية، يمارسها الصغار والكبار في إطار اجتماعي بسيط يجمع الود والمهارة.

أدوات الكيرم وطريقة اللعب

تتكوّن اللعبة من لوح خشبي مربع ناعم السطح ذو حواف مرفوعة، وبأركانه الأربع ثقوب صغيرة تُسقط فيها الحبات الخشبية، تحتوي اللعبة على تسع حبات بيضاء وتسع سوداء وحبة حمراء واحدة، إضافة إلى مضرب أكبر قليلًا يستخدم لضرب الحبات.

وتُمارس الكيرم عادة بين لاعبين إلى أربعة. في الطريقة الأكثر شيوعًا يختار كل لاعب لون الحبات التي يحاول إسقاطها واحدًا بعد الآخر داخل الثقوب.

 أما الطريقة الأخرى، والتي تعرف باسم عد الفلوس، فيُحتسب فيها لكل حبة قيمة نقطية، ويُعد الفائز من يجمع أكبر عدد من النقاط.

الكرم في الذاكرة الاجتماعية

ترتبط اللعبة في المخيال السعودي بذكريات اجتماعية خاصة، أبرزها ليالي رمضان التي كانت فيها المجالس تمتلئ بحماس المنافسة ودفء اللقاءات، كما حضرت الكيرم في فعاليات وطنية مثل اليوم الوطني ويوم التأسيس، لتعكس حضورها كجزء من التراث المشترك.

جهود إحياء التراث الثقافي

مع التغيرات الحضرية وتراجع ممارسة الكثير من الألعاب الشعبية، عملت وزارة الثقافة على إدراج الألعاب التقليدية ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي، وتنظيم فعاليات لإحيائها وتوثيقها. 

ومن بين هذه الجهود إطلاق مبادرة التراث الثقافي غير المادي في المدارس لتعريف الطلاب بالألعاب التقليدية، إضافةً إلى إقامة مهرجانات وبطولات محلية.

وفي عام 1445هـ/2023م شهدت محافظة جدة تنظيم أول بطولة رسمية للكيرم، بإشراف اللجنة السعودية للألعاب الشعبية، وبمشاركة لاعبين ولاعبات من مختلف الأعمار.

لا تزال الكيرم أكثر من مجرد لعبة، إنها ممارسة اجتماعية تعكس روح اللقاء، وتستحضر ذاكرة المجالس القديمة، وتواصل اليوم حضورها عبر جهود الحفاظ على التراث وتوريثه للأجيال الجديدة.

البلوت في السعودية: تاريخ وتراث لعبة الذكاء والمجالس الاجتماعية

عينت في البلوت تخطيط وسكك

سولفتها عند الأكابر وضحكم

ما تغلب العشرات كود من الاكك

وما تغلب الباشات كود من الحكم

ولجل المحبة مايجي فيها فكك

الأجواد لا قالوا حكم قلنا لكم

بهذه الأبيات وصف الشاعر سعد بن جدلان الأكلبي لعبة البلوت، مستحضرًا قوانينها وفلسفتها التي تقوم على التخطيط والدقة والاتفاق بين الشريكين، فالبلوت ليست مجرد أوراق، بل هي أسلوب في التفكير والتقدير وفهم الشخصيات.

البلوت في المجتمع السعودي

تُعد البلوت أحد أشهر الألعاب الورقية التي تجمع الصغير بالكبير، والطالب بالمعلم، وذوي الدخل المحدود برجال الأعمال، ولا تحتاج اللعبة إلا لأربعة لاعبين يعرفون قوانينها، لتبدأ منافسة مليئة بالترقب والذكاء.

 ورغم كثرة وسائل الترفيه المعاصرة، ما زالت البلوت حاضرة بقوة في الاستراحات والمجالس والمقاهي، خصوصًا في المناسبات الاجتماعية والجلسات الشبابية.

بدايات ظهور البلوت في السعودية

يشير الأكاديمي فؤاد عنقاوي في كتابه “علم البلوت” إلى أن اللعبة دخلت السعودية قبل أكثر من مئة عام، وانتشرت بسرعة بين مختلف طبقات المجتمع، ورغم الجدل حول أصلها، إلا أن أغلب المصادر تربطها بالهند، بينما يرى آخرون أنها لعبة فرنسية بناءً على كتاب «LA BELOTTE» الصادر عام 1971.

أصل الاسم

تعددت الروايات حول تسمية اللعبة. بعض المصادر تشير إلى أنها سميت نسبة لرجل فرنسي يدعى “بيلوت” وضع قوانينها، بينما تذهب روايات أخرى إلى أن الاسم مشتق من كلمة Plot الإنجليزية التي تعني التخطيط والدهاء، وهما عنصران جوهريان للفوز في اللعبة.

سر استمرار شعبيتها

تستمد البلوت قوتها من جانبين رئيسيين:

الأول أنها لعبة تعتمد على الذكاء والقراءة الدقيقة لحركات الخصم والشريك، وليست لعبة حظ.

والثاني أنها لعبة اجتماعية، تصنع لحظات من الندية والمنافسة والضحك، ما يجعلها جزءًا من نسيج العلاقات بين الأصدقاء والأقارب.

رغم التطور الهائل في عالم الترفيه، تبقى البلوت واحدة من الألعاب الأكثر حضورًا في الذاكرة والمجالس السعودية. فهي لعبة مهارة قبل أن تكون ورقًا، وعلاقة قبل أن تكون طاولة، وتراث حي يتوارثه جيل بعد جيل.

بحث في الصوالين

ابدأ بكتابة كلمة للبحث…